ما هو تأثير الذكاء الاصطناعي على قطاعات العمل؟

محمد معاذ

باحث في الذكاء الاصطناعي

إذا كنت من متابعي أخبار التكنولوجيا، من المؤكد أن تكون قد اعترضتك الأخبار المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. فقد بتنا نسمع عنه بكثرة مع انتشار تطبيقاته، وصار تأثير هذه التقنية واضحًا في مختلف قطاعات العمل. في هذه المقالة نستعرض خمس قطاعات دخل عليها الذكاء الاصطناعي مع طرح بعض الأمثلة في كل قطاع:

1- النقل

تمثّل المركبات ذاتية القيادة أبرز الأمثلة على استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع صناعة السيارات. وتمتلك هذه المركبات القدرة على توفير الوقت، والحد من استهلاك الطاقة، والتخفيف من الحوادث المرورية نتيجة استخدام الهاتف المحمول أو الشرود الذهني لدى البشر، وذلك عبر أنظمة مساعدة وكاميرات وماسحات ضوئية بإمكانها الالتزام بالمسار أو التوقف عند الحاجة.

وبدأت شركة "أوبر" للنقل هذا الشهر، اختبار سيارات ذاتية القيادة في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية بسيارتين من طراز فولفو XC90، وسيتم الإعتماد على هذه السيارات خلال ساعات النهار فقط، وسيتم تزويد كل مركبة بسائق سلامة. كما تسعى تويوتا وشركة Pony.ai المتخصصة في تقنيات القيادة الذاتية لإطلاق برنامجًا لاختبار السيارات ذاتية القيادة على الطرق العامة في بكين وشنغهاي بالصين، حيث تعمل الشركتان سويًا على هذا النوع من الاختبارات منذ العام الماضي.

 

المصدر : Getty Images

ولا يقتصر الأمر على السيارات الذاتية القيادة، فقد دخلت أيضاً عربات التوصيل الذكية ذاتية القيادة مثل REV-1 حيز الخدمة عبر توصيل الطلبات المختلفة من المطاعم ومحلات البقال بولاية ميشيجان الأميركية، وهي قادرة على حمل أغراض يصل وزنها إلى 40 كلغ وتقوم بتوصيل الطلبات لمسافة أكثر من 1.5 كلم من مركز انطلاقها.

2- التعليم

 

نجح الذكاء الاصطناعي في تطوير مجموعة متنوعة من التطبيقات في قطاع التعليم. وفي العديد من المؤسسات دخلت هذه التقنية حيّز التنفيذ بالفعل، وأتاح الذكاء الاصطناعي للطلاب التعلّم بمفردهم. فمثلاً تعمل شركة "Knewton" من خلال برنامج "Alta" المصمّم لتدريس الرياضيات والكيمياء والاقتصاد على تحديد نقاط الضعف المعرفية لدى الطالب وتوفير برامج دراسية متصلة لرفع مستواه التعليمي، وهناك أيضاً نظام "Toppr " الذي تمّ تطويره في الهند، ويستخدم التعلم الآلي المبني على استجابات الطلاب لتوفير تقييم مستوى كل طالب.

كما تهتم مجموعة من الشركات والمنصات الرقمية حاليا بإنشاء "محتوى ذكي" من خلال تحويل الكتب التعليمية التقليدية إلى كتب ذكية وثيقة الصلة بالغاية التعليمية، وفي هذا السياق فقد ابتكرت شركة "Content Technologies" المتخصصة بأتمتة العمليات التجارية وتصميم التعليم الذكي، مجموعة من خدمات المحتوى الذكي للتعليم.

3- الصحة

 

المصدر: ShutterStock

يعمل الذكاء الاصطناعي على إحداث ثورة في الرعاية الصحية من خلال تمكين الأطباء والمستشفيات من تقديم رعاية للمرضى بشكل أسرع وأفضل. وقد طورت شركة "Babylon Health" تطبيق دردشة للخدمات الصحية أصبح بمتناول اليد.ويمكن استخدام هذا التطبيق في الإجابة عن تساؤلات المرضى حول أعراض المرض على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، ويقدم نصائح طبية وفوريه حول ما يجب فعله بناء على الحالة الطبية. وهناك أيضًا خيار حجز استشارة بالفيديو والتحدث مع الطبيب إذا لزم الأمر.

كما أثبتت تطبيقات مثل ""IBM Watson بالفعل قدرتها على تشخيص الأمراض بشكل أسرع من الأطباء البشر. وهناك أيضاً أداة "DreaMed" التي تعمل على تصميم علاجات مخصصة لمرضى السكري بناءً على اختلافاتهم الفردية مثل العمر والجنس وغيرها.

4- الزراعة

 

من المعروف أن عدد السكان في العالم يتزايد بمعدل سريع، بينما الموارد الطبيعية تتدهور ببطء، ونحن بحاجة إلى إنتاج المزيد بموارد أقل. لم يعمل الذكاء الاصطناعي على تحسين الكمية فحسب، بل حسّن أيضًا جودة المنتجات في السنوات الأخيرة من خلال تطبيقات عديدة في قطاع الزراعة.

ويتم حالياُ الاستعانة بالروبوتات لرش المبيدات على الأعشاب الضارة بكميات دقيقة. وقد قدمت شركة "John Deere" مؤخرًا نموذج See and Spray الذي يسمح للمزارعين بتحديد الأعشاب الضارة من خلال شاشة الكمبيوتر والقضاء عليها بدلاً من رش وإصابة المحصول بأكمله.

كما يجري استخدام الطائرات بدون طيارلإلقاء آلاف البذار آليًا، بالاستعانة بخوارزميات الذكاء الاصطناعي وهذا يقلل من الجهد العضلي للفلاح، ويسهم في تكثيف الغطاء النباتي، مع التصدي لتبعات كوارث الحرائق.

5- الموضة

 

بدأ تجارالأزياء بالتجزئة في جميع أنحاء العالم في فهم ضرورة تبني واستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتكوين اسم لأنفسهم. ويتم الآن استخدام خوارزميات التعلم الآلي من قبل العديد من تجار التجزئة للتنبؤ بالطلب بناءً على البيانات، وبالتالي تقليل أخطاء التنبؤ البشري بنسبة تصل إلى 50%.

وتقوم بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي أيضًا بتحليل بيانات شراء العملاء للتنبؤ بالمنتجات المحتمل شراءها في المستقبل. على سبيل المثال، تقدم تطبيقات مثل "Finery" توصيات بالملابس، وتقترح حتى أشكالًا جديدة للمستخدمين من خلال مراجعة إيصالات الشراء السابقة عبر البريد الإلكتروني لتحديد محتويات خزانة ملابسهم. وهناك أيضاً تطبيق "Stylumia" وهوتطبيق ذكي يعمل على توقّع اتجاهات الموضة بمساعدة التعلّم العميق من خلال بيانات سلوك الزبائن وتوظيفها في مجال الموضة والأزياء.

وعلى الرغم من الفوائد الكثيرة التي يستجلبها الذكاء الاصطناعي في قطاعات كثيرة لا يتسع المقال لذكرها كلها، هناك مخاوف لدى الكثيرين من فقدان وظائفهم، ومن المتوقع أن يلغي الذكاء الاصطناعي هذا العام 1.8 مليون وظيفة لكن في نفس الوقت سيوفر 2.3 مليون وظيفة وفق تقرير شركة "Gartner"، ولا يسعنا إلا أن نكون مترقّبين للفرق الذي سيحدثه الذكاء الاصطناعي في السنوات القادمة.